مشروع قانون الإنتظام المالي واسترداد الودائع: ملاحظات أولية
كريم ضاهر
Monday, 22-Dec-2025 07:07

لا يُمكِن مقدَّماً إلّا الثناء على مبادرة المسؤولين الحكوميِّين والناظمين الحاليِّين، لجهة العمل على صياغة مشروع قانون جريء ولو منقوص وغير «شعبي»، يحاول معالجة موضوع الفجوة المالية الناتجة من انهيار الوضع المالي وحجز الودائع بصورة غير قانونية من قِبل المصارف لما يزيد عن الـ6 سنوات، كان التسويف والتعطيل والتأجيل خلالها أسياد الموقف؛ وما نتج من ذلك من أزمات وضرر وجمود، عمّق الأزمة بدلاً من حلّها وضاعف الخسائر. ولقد حاول هذا المشروع تأمين أكبر قدر من العدالة في توزيع الخسائر وتحمّل المسؤوليات، مع احترام المبادئ والمعايير الدولية المرعية، بالتالي التقيُّد لهذه الجهة بما أوصى به صندوق النقد الدولي.

نلحظ من ضمن ما تقدَّم مسألة تطبيق مبدأ تراتبية توزيع المسؤوليات وتحمُّل الخسائر، فيتحمّل صاحب القرار والمصالح في الطرف المتعاقد الأساسي مع المودع (أي المصرفيِّون) المسؤولية الأساسية بالتدرُّج، وتبدأ هذه التراتبية بالمساهمين العاديِّين، ثم المساهمين المفضّلين (مع بعض التحفُّظ بالنسبة لهذه الفئة المغبونة، قسم مهمّ منها بفعل عمليات غشّ وتحايل ممنهجة وغير معاقَب عليها لغاية تاريخه)، وصولاً إلى الدائنين الأعلى مرتبة. وقد تمّ أيضاً التقيُّد بتوصية إعادة تقييم أصول مصرف لبنان والمصارف بواسطة شركة تدقيق دولية مستقلة، لتحديد حجم الفجوة المالية بدقة، ومن شأن ذلك، بمثابة إقراره بموجب قانون، تفادي تعارضه مع قوانين مرعية، ولا سيما القانون رقم 364 (الصادر في 1/8/1994) المتعلّق بتنظيم مهنة خبراء المحاسبة المجازين في لبنان.

 

وعليه، يفرض المشروع على كل مصرف، بغضّ النظر عن نتائج التقييم وعملية تنقية الأصول غير المنتظمة، إعادة الرسملة تحت طائلة مواجهة إجراءات الهيئة المصرفية العليا التي قد تشمل الدمج أو التصفية وفقاً للقانون رقم 23/2025. كما ومن إيجابيات المشروع توسيع دائرة المساهمين في ردم الفجوة، ليشمل النطاق ولأول مرّة، ضمن ما سُمِّيَ بالأصول غير المنتظمة (الباب الثالث، المادة 5)، كل مَن استفاد من حالة الإنهيار المالي على غرار: (1) أصحاب التحويلات المصرفية التي تجاوزت 100 ألف دولار، وقام بها كبار المساهمين وأعضاء مجالس الإدارة والمدراء العامّون والتنفيذيِّون وأقاربهم بعد تاريخ 17/4/2019، أو سائر الأشخاص بمَن فيهم الأشخاص المُعرَّضون سياسياً (PEPs) بعد تاريخ 17/10/2019، وذلك من دون مبرِّر تجاري أو صناعي أو صحي واضح ومقبول؛ (2) أصحاب الحسابات التي شهدت زيادة في أرصدتها بعد تاريخ 17/10/2019 عن طريق تحويل الليرة إلى دولار بأسعار صرف غير رسمية متدنّية أو شراء الشيكات المصرفية؛ (3) أصحاب الحسابات التي تقاضى أصحابها فوائد مدفوعة مسبقاً نتيجة الهندسات المالية أو فوائد عالية سُدِّدت بدءاً من العام 2016؛ (4) أصحاب القروض والتسهيلات التجارية التي تتجاوز 500 ألف دولار، وسدَّدوا قروضهم بعد وقوع الأزمة بأقل من قيمتها؛ (5) أصحاب المكافآت وأنصبة الأرباح المفرطة من مساهمين وكبار مسؤولين وموظفين في المصارف؛ وأخيراً (6) أصحاب الحسابات غير المشروعة أو المشتبه بمصدرها و/أو صاحبها.

 

استرداد الأموال غير المشروعة

على رغم ممّا تقدَّم من إيجابيات وتحسينات، ولاسيما لجهة تحميل المسؤوليات وتدرُّجها، يُبقي المشروع بمنأى عن المساءلة والمحاسبة وتحمُّل المسؤولية والخسارة، طرفاً مهمّاً وهو المتسبِّب الفعلي والأساسي بالإنهيار وخسارة الودائع. إذ كان يجدر بمُعدِّي المشروع، بموجب فصل ثانٍ أو حتى بموجب تشريع آخر ملازم ومكمِّل، فتح ملف هدر المال العام واسترداد الأموال غير المشروعة، من خلال تحديد خارطة طريق واضحة وتدابير محدَّدة ضمن نطاق زمني محدَّد وصريح، يعتمد على كل أحكام القوانين والأنظمة النافذة التي تُستكمَل عند الإقتضاء بتدابير تطبيقية مناسبة. ونأمل ألّا يكون ذلك، بمثابة التمهيد والتحضير «لطائف إقتصادي» يعفي عن الجرائم المالية ويطوي الصفحة لإعادة إنطلاقة بـ«العدّة» عينها، فتؤدّي حكماً إلى النتائج عينها بعد حين، بسبب الإفلات المستمر من العقاب.

 

العموميات وودائع النقابات والصناديق التقاعدية

يتضمَّن مشروع القانون عموميات عديدة وأموراً غير واضحة أو مبهمة، ومتروك أمر تحديدها والبَتّ بها إمّا لجهات تنظيمية (مصرف لبنان) غالباً أو حكومية، ممّا يُفقد القانون عامل الثبات والأمان الضروريَّين لطمأنة أصحاب الشأن والمصالح (المودعون أنفسهم في مقدّمهم) وإعادة الثقة المفقودة. وفي السياق عينه، لم يصر إلى لحظ موضوعَي الودائع بالليرة اللبنانية التي حُجِزت بداية الأزمة وفقدت قيمتها بالكامل؛ وعمّا إذا كان هناك من إجراء معيَّن لإنصاف أصحابها وتعويضهم، لا سيما وأنّ أغلبهم من أصحاب المعاشات والتعويضات التقاعدية والصناديق الإجتماعية والنقابية. ولا ذكر أيضاً للمبالغ المسحوبة منذ بداية الأزمة بالعملة الأجنبية على أساس تعاميم مصرف لبنان (151، 158 و166) وعمّا إذا كانت هذه الأرصدة ستُخصَم من مبلغ الـ100 ألف دولار المضمونة والقابلة لإعادة التسديد كاملةً. كما أنّه من غير الواضح إذا أُعِدَّت دراسات جدوى ومحاكاة إقتصادية مسبقة، لتقييم الأصول بصورة موضوعية وعلمية أو تقدير السيولة اللازمة، بما يضمَن كيفية تسديد المستحقات. كما لا وجود لتدابير تلحظ الحلول البديلة والضمانات في حال التقاعس أو الإخلال أو التأخُّر في تسديد المستحقات من أصول وفوائد.

 

ضمانات الاسترداد

ويترك المشروع هامشاً كبيراً من الحيّز التقريري والتقييمي لمصرف لبنان بكافة هيئاته وأجهزته، من دون إخضاعه لرقابة لاحقة ومستقلة فعّالة، أو لآليات مساءلة واضحة، لاسيّما في ظل القوانين والأنظمة المرعية الحاضرة التي لم يصر إلى تعديلها جذرياً لغاية تاريخه، على رغم من كل ما استُجدّ من ظروف وانهيارات. فهذا الأمر على رغم من تفهُّم سببه ومبرِّراته، قد يؤدّي إلى تدابير وعمليات بعيدة من الأضواء ومن الشفافية وصَون الحقوق.

 

إلى ذلك، جرى استبعاد الصندوق السيادي لإعادة تسديد الودائع المطروح في المشاريع والخطط التي سبقت هذا المشروع واستبداله «بحساب تسديد الودائع» (المادة 11- الباب السادس) الذي يُنشأ ويُدار من قِبل مصرف لبنان بمفرده من دون أية آلية محدَّدة للتدقيق والمراقبة والنشر والشفافية، فيُحدِّد المصرف «السياسات المعتمدة وآليات تقييم المخاطر والضوابط، بتعميم يصدر عنه بعد موافقة وزارة المالية». وعملاً بما تقدَّم يُفقِد التدبير المودعين الدائنين حاملي السندات ضمانة المراجعة والمراقبة والشفافية والحصرية والحوكمة الرشيدة.

 

وعلى رغم من أنّ التدبير يمنحهم بالمقابل ضمانات إضافية على أصول المصرف المركزي (لم تُرهن، تُحجَز احترازياً، تُخصَّص لهم مقدَّماً أو حتى يُصنَّفوا كدائنين ممتازين متقدّمين على باقي الدائنين الحاليِّين والمستقبليِّين)، يحرمهم بالمقابل ممّا قد يتأتّى ويستحق للدولة اللبنانية جرّاء استعادة الأموال غير المشروعة الناتجة من جرائم الفساد، التي أوجد لها القانون رقم 214 (8/4/2021) صندوقاً وطنياً لإدارة واستثمار الأموال يتمتع بالإستقلالية وحسن الحوكمة الرشيدة (مع العلم أنّ المرسوم التطبيقي قاب قوسين من الإقرار).

 

إنّ تحديد تاريخ 17/4/2019 لاسترداد تحويلات مصرفية تجاوزت الـ100 ألف دولار أميركي، وقام بها كبار المساهمين في المصارف ورؤساء وأعضاء مجالس الإدارة والمدراء العامّون والتنفيذيِّون وأقاربهم والهيئات المعنوية التي يسيطرون عليها، تطرح تساؤلات عديدة، علماً أنّ بوادر الإنهيار بدأت تتظهّر قبل سنوات، وإنّ كل القوانين المرعية الإجراء تشير إلى فترة محدّدة بـ18 شهراً من تاريخ توقف المصرف عن الدفع، يُصار إلى إبطال جميع العقود والعمليات المنفّذة خلالها، خصوصاً البيوعات والتحاويل المصرفية المنفّذة ضمن تلك الفترة (القانونَان رقم 2/67 و110/91).

 

في بعض أحكام ومواد مشروع القانون

المادة 3 (نطاق تطبيق القانون): خلافاً لما يجري تسويقه، فإنّ هذا المشروع ولأول مرّة، يُدخِل الدولة في عداد الأطراف الذين ينطبق عليهم القانون، بالتالي يُلزمهم (بالتكافل والتضامن) بتحمُّل المسؤوليات والإلتزامات الناتجة منه، وأهمّها الإعتراف بالمسؤولية والدَين. ومن شأن ذلك طبعاً تكبيد موازنات الدولة اللاحقة الأعباء المتأتية من تطبيق القانون، وأهمّها سدّ عجز مصرف لبنان عند الإقتضاء، عملاً بأحكام المادة 113 من قانون النقد والتسليف، المُطالَب بها من قِبل جمعية المصارف.

 

تضمنّت تلك المادة أيضاً عبارة، أنّ القانون يُطبَّق على «جميع الحسابات بالعملات الأجنبية المتكوّنة لدى مصرف لبنان والمصارف المذكورة قبل تاريخ 17/10/2019»؛ بالتالي، وإن طبّقنا حرفية النص يكون قد استنثى من الضمانة والتدابير، الحسابات التي كُوِّنت وفُتِحت لدى المصارف بعد ذلك التاريخ وإنما بشيكات مصرفية من أرصدة محجوزة (لولار). وعليه، يقتضي إضافة هذا الموضوع صراحةً في النص.

 

المادة 4 (إجراءات إعادة التوازن والملاءة للنظام المصرفي): إنّ عملية شطب الودائع غير المنتظمة أو غير المشروعة تقتضي أن يستفيد منها باقي المودعين، لتسريع وزيادة حجم استرداد الودائع وليس المصارف أو حتى الدولة.

 

المادة 5 (الأصول غير المنتظمة): من ضمن هذه الفئات التي تُطبَّق بحقها تدابير صارمة، يلحظ القانون فئة «الحسابات المشتبه في صحة هوية المُستفيد الحقيقي منها و/أو الحسابات المشتبه في مصدر أموالها... ولا سيما تلك المشتبه في تضمنّها أموالاً غير مشروعة». فالغريب هنا والمُستغرَب، أنّ القانون أناطَ أمر تحديدها والإبلاغ عنها إلى كل من المصارف (المتواجدة لديها هذه الأرصدة) وهيئة التحقيق الخاصة المنشأة لدى مصرف لبنان، كما ولجنة الرقابة على المصارف، للتأكّد من صحة التنفيذ... أي الفرقاء أنفسهم الذين أتاحوا أو تقاعسوا وسمحوا بدخول هذه الأرصدة إلى القطاع المصرفي، بخلاف القوانين التي ترعى هذا الموضوع، وأهمّها قانون مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب رقم 318/2001 والمعدَّل بالقانون رقم 44/2015.

 

أي نطلب من المسؤول إدانة نفسه بنفسه، وإظهار حجم مخالفاته داخلياً ودولياً، ممّا يضعه على المحك ويضرب صدقيّته. فمَن يُصدِّق بأنّ هذه العملية قد تُنفّذ بشفافية مطلقة؟ علماً أنّ الأموال ذات الصلة والملحوظة جرائمها في المادة الأولى من القانون المذكور رقم 44/2015، قد تتخطّى بأضعاف ما هو مرتقب ومصرّح عنه. وعلى أساسه، كان يجدر بواضعي المشروع إشراك الأجهزة المختصة بمواضيع الفساد والمراقبة الإدارية، على غرار الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد ووزارة المالية (للتهرُّب الضريبي) والقضاء المالي، والتفتيش المركزي وديوان المحاسبة أو أحدهم؛ وذلك، لضمان الإلتزام والشفافية.

 

المادة 6 (إجراءات تنقية الأصول غير المنتظمة)- أولاً: بالنسبة للتحويلات المصرفية إلى الخارج بعد تاريخَي 17/4/2019 و17/10/2019 (وفقاً للحال)، ونظراً لعدم وجود أي قانون في حينه يضع ضوابط موقتة واستثنائية على التحاويل والسحوبات المصرفية، بالتالي عن مخالفة أي نظام قائم، فلا يمكن تسمية النسبة العقابية المطبَّقة (30%) على أنّها غرامة ناتجة من التخلّف لموجَب إعادتها «بالغرامة». وكان من الأجدر تصنيفها في خانة الرسم الإستثنائي أو الرسم التعاضدي، استناداً إلى أحكام الفقرة (ج) من مقدّمة الدستور والمادة 7 اللتَين تنصّان على مبدأ المساواة في الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين من دون تمايز أو تفضيل.

 

وبالنسبة للحسابات التي تقاضى عليها أصحابها فوائد مدفوعة مسبقاً نتيجة الهندسات المالية و/أو أي فوائد دُفعت بدءاً من العام 2016، يقتضي حفاظاً على مبدأ العدالة والمساواة الآنف ذكره، تنظيم مسألة استرداد ما حُوِّل إلى الخارج ضمن الفترة الممتدّة من 1/1/2016 و17/10/2017. وفي حال عدم التقيّد، تطبيق التدابير والغرامات نفسها المفروضة بالنسبة لباقي الفئات، مع أوامر تحصيل صادرة عن وزارة المالية عملاً بأحكام قانون الإجراءات الضريبية رقم 44/2008.

 

المادة 8 (آلية تسديد الودائع)- أولاً: يتبيَّن جلياً هنا أنّ عهد السحوبات النقدية قد ولّى إلى غير رجعة، واستُبدِل بالشمول المالي، بدليل لحظ هذه المادة وضع المستحقات في حسابات حرّة تُستعمَل بموجب شيكات أو حوالات مصرفية أو بطاقات إئتمانية. وعليه، من الضروري تشديد الرقابة على المصارف لتفادي إفراطها، كما هي الحال حاضراً، بفرض عمولات وأعباء إعتباطية ومجحفة، كما هي الحال منذ حجز الودائع لديها، ولا سيما وأنّ المودع سيبقى مرتبطاً بها قسراً طوال مرحلة إعادة ودائعه.

 

المادة 8 (آلية تسديد الودائع)- رابعاً: خلافاً لما يوصي به صندوق النقد الدولي، تعتمد الحكومة تعريفاً وسقفاً موحَّداً قدره 100 ألف دولار لكل مودع على مستوى النظام المصرفي ككل، وليس بمقاربة «مصرف بمصرف» لضمان عدم تحميل المصارف السليمة أعباء المصارف المتعثرة وتأمين تكافؤ الظروف والفرص بينها.

 

المادة 10 (تحديد دين الدولة تجاه مصرف لبنان): تلحظ هذه المادة في فقرتها الثالثة إمكانية لمجلس الوزراء بأن يُقرِّر تقديم مساهمة إضافية في رأسمال مصرف لبنان، عند الإقتضاء، لتعزيز ملاءته، وفقاً للمادة 113 من قانون النقد والتسليف وإنشاء المصرف المركزي. هذا التدبير يستدعي ملاحظتَين هامّتَين:

 

الأولى، تتعلّق بحصر تلك الصلاحية بالسلطة التشريعية التي يحق لها حصراً تقرير أو إعطاء الموافقة المسبقة (وعادةً بموجب رصد إعتماد في الموازنة) بالنسبة لأي إنفاق أو عبء، كما وبالنسبة إلى فرض الضرائب المقابل لتأمين ذاك الإنفاق؛ كل ذلك ضمن حدود معينة ولغايات معيَّنة، جرى نقاشها ولضمان شفافية إدارة المال العام وتمكين محاسبة الحكومة على عملها وتقييم أدائها.

 

والثانية تتعلّق بنتائج هذا الإلتزام كونه سيُحمِّل الدولة مسؤولية أي تقاعس أو إخلال في الإلتزام وإعادة تسديد الودائع، بالتكافل والتضامن مع مصرف لبنان والمصارف؛ ممّا يتعارض مع توصيات صندوق النقد الدولي لهذه الجهة، ويؤثر على استدامة الدَين العام ويُحمِّل وِزر إعادة تسديد الديون المترتبة (خصوصاً لكبار المودعين) للمكلّفين (من مقيمين ومواطنين والمودعين جزء أساسي منهم) ولأجيال قادمة. ناهيك عن مسألة تمكّن أصحاب الودائع المحوَّلة إلى أوراق مالية قابلة للتداول، ومدعومة بأصول حقيقية (مثل الذهب والعقارات) بمطالبة المصرف المركزي والدولة بتصفية تلك الأصول. وما يُعزِّز هذا الإعتقاد هو ما ورد في المادة 12 لجهة تعزيز الشهادات بإيرادات الأصول التي يملكها مصرف لبنان ومن ضمنها «عائدات تصفية هذه الأصول». وقد يفتح هذا الموضوع الباب واسعاً لدخول الصناديق الانتهازية إلى المَيدان مجدَّداً.

 

في الأسباب الموجبة:

اعتُمد على المادة 15 من الدستور اللبناني التي تُجيز «تقييد الملكية الفردية للمنفعة العامة والمصلحة العليا» لتبرير الإجراءات الواردة في المشروع، التي تؤدّي إلى تقييد في الحقوق وإنّما مع اجتزاء تلك المادة، فلم يُلحَظ الجزء الثاني الذي يُلزِم «بالتعويض العادل»، وهو ما ليس متوفراً راهناً.

 

كما أنّه كان من المُجدي أيضاً لتبرير التكاليف الإضافية على بعض الأرباح من الأموال غير المنتظمة المحققة خلال وبفعل الإنهيار الإستشهاد بقرار المجلس الدستوري رقم 3/2023 تاريخ 4/4/2024، في سياق ردّه على سبب الطعن المبني على مخالفة المادة 93 من قانون الموازنة رقم 324 تاريخ 12/02/2024، والذي كرّس مبدأ التكليف الوارد في المادة الرابعة الفقرة (د) من قانون ضريبة الدخل (المرسوم الإشتراعي رقم 144 تاريخ 12/6/1959 وتعديلاته) التي نصّت على أنّه «يُعدّ في جملة المكلّفين بهذه الضريبة... كل شخص حقيقي أو معنوي حصل على ربح من عمل يُدرّ رَيعاً غير خاضع لضريبة أخرى على الدخل». وهذا غيض من فيض وللتعليق والحديث تتمة...

الأكثر قراءة